الفأر الهارب
قرر الفأر يوما مواجهة الملل الذي أصابه من كثرة وتكرار هروبه ولم تعد حياة الهروب هذه مرغوبة عنده....لذا قرر الخروج من مخبأه نهارا والسير وسط القطط دون أن يسير بينهم كالريح والشبح كما كان يفعل ليلا بل أخذ يتمخطر بالسير الهادئ والتنقل من امام هر لأخرتعلو خطواتة ملامح القوة والتفرس فيمن حوله دون خوفوكأنة في احد معابد الاقصر سائحا يتطلع الى التماثيل والاعمدة الموجودة في ارجائه ...والقطط تنظر إليه في حالة من الذهول والاستغراب!!!ويقولون في انفسهم ماذا أصاب هذا الفأر ..؟؟هل تناول حبوب الشجاعة فأصبح لا يخشانا ؟ أم أصابته لوثه من الجنون فأصبح لا يعرف ماذا يفعل ؟ أم أنه أخذ وعدا من الكلب بأن يحميه؟ وأصبح الجميع في حيرة ...حتى الفأر انتابه الاندهاش واخذ يقول في نفسه..لماذا لم يتعرض الى احد رغم اننى كنت مستعد للانتحار ؟... هل أصاب القطط العمى ؟إم أصاب القطط الجنون؟...أم إنني كنت مغفلا طوال الفترة السابقة من حياتي واخشي السراب وان الخوف كان بداخلي أنا ؟...وعلي الجانب الأخر قرر القطط الاجتماع...لبحث مسألة الخروج المتكرر للفأر وسط النهار....وما الذي دفعه لذلك ؟؟.. وما النتائج التي سوف تترتب على ذلك إن تركناه يمر هكذا ؟؟..ربما تشجع الجرذان وانتخبوه زعيما وخرجوا وراءهوتحدوننا علانية ... قد نفقد مكانتنا....لابد لنا نحن القطط أن نفعل شيئا ؟...وتعالت الاصوات داخل الاجتماع ....واختلطت المطالب بعض القطط قالوا نكون مجموعة من شباب القطط لاغتيال الفأر وسط النهار اثناء سيرة وبعضهم قال نفخخ له قطعه جبن ونضعها في الطريق واخرون قالوا نضع له سما في الطعام ....ثم خرج صوت قوي اثناء المناقشات يصيح..ليس الامر بهذه البساطة.. هذا الموضوع له حسابات اخرى ... فسكت الجميع ليسمعوا ماذا يقول..وكان ذاك الصوت هو صوت حكيم القطط القط الاعور ... (والقط الاعور مكانته هذه جاءت منذ ان فقد احدى عينيه وهو صغير اثناء مشاجرة له مع اطفال حين رفض سحلهم و تقيدهم له ... ومن يومها وهو رمز للشجاعة والفخر بين القطط .. مع انه في نفسه اكثر النادمين علي هذه الشجاعة التى افقدته احدى عينيه )...
والذى اعتلى منصة الاجتماع ليقول لهم :
لابد ان نجرى اختبار للفأر وننظر ما يكون منه
قالوا : وما هو الاختبار ؟ ....
قال :اجمعوا لي جماجم الفئران التى اصطدناها سلفا
وضعوها في الطريق الذي يسير فيه الفأر في النهار بشكل منظم ومرتب وليختبىء القطط وليشاهدوا ما يحدث ....
وبالفعل وضعوا الجماجم بترتيب وتناسق في طريق السير للفأر ....
واختبئو ليشاهدوا ماذا سيفعل الفأر عندما يري جماجم من سبقوه من الفئران ؟..
ولما خرج الفأر من جحرة ليسير في رحلته اليوميه نهارا نظر من حوله لم يجد اثرا لى قط..
بل وجد حاله من السكون في ارجاء الطريق ...
ثم اخذ يتلفت فوجد رؤوس اباءه واجداده ملقاه علي الطريق ... فدب الذعر والخوف الشديد في قلب الفأر
وانتفض يجرى كالريح يشق من سرعة العدو امواج الطريق حتى انه وقع اكثر من مرة.. ثم يقفز وينتفض ليكمل العدو والجري هاربا الى مخبأه ....
حتى اختفي ....
واراد بعض القطط الشابه ان يثب علي الفأر ليقتله اثناء وقوعه اكثر من مرة..
ولكن القط الاعور منعهم..
وقال لهم : اتركوه يهرب ولا توقعوا به أي اذي..
ويكفي هذا ولا اريد منكم اكثر من ان تدعوه يعود هاربا كما كان ....
ولم تفهم كثير من القطط لما هذا العفو من جانب القط الاعور فقد كان يجب ان يمثل بمثل هذا الفأر
حتى يغدو عبرة لمن يعتبر .........
ولكنني فهمت كيف ان ذاك الاعور هو الاسوأ ..
فهو لم يعفو عن الفأر
بل قتل كل محاوله مستقبلا قبل ان تبدا